قبائل البرابرة وعلاقتهم بالامبراطورية الرومانية
الجزء الثاني
التنظيم السياسي والإداري للقبائل الجرمانية في مطلع القرن السادس الميلادي
عمل رؤساء القبائل البربرية تدريجيا على احتلال أقاليم الإمبراطورية الرومانية القديمة. وبعد فترة التجزئة والفوضى المصاحبة لكل انقلاب جذري، أخذت تلك الولايات تتكتل في عدد أقل من الدول لتتمكن من الاستمرار. أما المجتمع، في تلك الدول الجديدة، الذي كانت تسيطر عليه الحقوق والحضارة الرومانية فقد سادته مجددا "شريعة الغاب"، وعممت العناصر الجرمانية نظمها وأعرافها، وحدث تحول عميق في الجهات التي كان قد ترسخ فيها التأثير الروماني. وزودت القبائل الجرمانية عالم غرب أوروبا بأنماط معيشة ومفاهيم مختلفة.
2- برابرة السهوب الروسية والآسيوية
3- استيلاء البرابرة على الولايات الرومانية
4- دخول عناصر الهون إلى أوروبا وعناصر الفيزيقوط إلى الإمبراطورية الرومانية
5- غزو قسم من الأوستروغوط إيطاليا بقيادة رئيسهم راداغيز والغزو الفاندالي الأكبر في 405:
6- إستقرار عناصر الفيريغوط في غاليا
9- امبراطورية الهون وانهيارها وسقوط غرب اوربا بيد غيرهم من البرابرة
1.9. امبراطورية الهون
2.9. إنحلال إمبراطورية الهون
3.9. سقوط غرب أوربا بيد البرابرة الجرمان وانهيار الحكم الروماني
10. مملكة الفاندال في عهد جينسريك
11. إستقرار عناصر الأنجلوساكسون في بريطانيا
الجزء الثاني: التنظيم السياسي والاداري للقبائل الجرمانية في مطلع القرن 6م
1- الصفات العامة للتنظيمين السياسي والإداري
2- الصفات العامة للمجتمع الروماني في مستهل القرن السادس الميلادي
3- مجتمع القوط الغربيين
4- مجتمع البورغونديين
5- الدور التاريخي لجرمانيا
6- مملكة القوط الشرقيين
الجزء الثالث :محاولة الامبراطور البيزنطي جيستينيان إحياء الإمبراطورية الرومانية الغربية
1- إحتفاظ الأباطرة البيزنطيين بما كانوا يدعونه من حقوق على ولايات غرب أوروبا قبل عهد جيستينيان
2- إسترداد جستنيان الولايات الإمبراطورية في إفريقيا (527-565)
3- إسترداد إيطاليا من الأوستروغوط وإحياء الإمبراطورية الرومانية فيها
4- إسترداد إسبانيا وإعادة الحكم الإمبراطوري إليها
5- إستقرار عناصر الآفار في أوروبا واحتلال اللومبارديين لإيطاليا
الجزء الرابع : تاريخ الكنيسة في العصر الروماني
1- تعاليم المسيح وتأسيس الكنيسة
2- نشر الحواريين للمسيحية
1- الصفات العامة للتنظيمين السياسي والإداري
فيما عدا مملكة القوط الشرقيين ذات التنظيم الخاص والممالك الانجلوسكسونية التي نجهل نظمها في ق1 من تاريخها، فإن جميع النظم في الدول الجرمانية نتجت عن مزج النظم الرومانية بالفكر الجرماني. كان نظام الحكم في جميع هذه الدول ملكيا، مثلما كان عند الرومان. ومفهوم الجرمان عن هذه النظام مختلف عن مفهوم رعايا الامبراطورية. كان العاهل الجرماني بصورة خاصة مجرد زعيم لقبائل ينتخب بواسطة مقاتلتها وعليه أن يحسب في ممارسته للحكم لهم حسابا. وبتطور الأحوال فإنه بقدر ما كان القسم الأعظم من شعب الزعيم يغدوا مستقرا فإنه يتحول إلى رئيس دولة. وصارت سلطته وراثية، يمارس حكما شبه مطلق.
لفتت هذه الظاهرة نظر المؤرخين الالمانيين " هارتمان" و "وباراكلاف" في كتابهما "الدولة والامبراطورية في العصور الوسطى" الذي نقله ّ. جوزيف نسيم يوسف إلى العربية "عن الترجمة الإنجليزية" ورد فيه حول الدول الجرمانية في الغرب ما نصه:
"للدول الجرمانية في الغرب كيانها الذي يختلف تماما عن الدولة البيزنطية، هناك شكل واحد للدولة وهو نتاج غير ثابت لهجمات البرابرة، تمثل هذا الشكل بصدق في دولة القوط الشرقيين أيام "تيودوريك" الذي حكم منذ 489 وفي إيطاليا بين 493-526 وسمح للتقاليد الرومانية بالبقاء مع نظم الجرمان كمثل أعلى يجب الإقتداء به" 2
واحتفظت طبقة المحاربين الجرمان وطبقة المدنيين الرومان بنظامها الخاص. وبقيت البيروقراطية الرومانية على حالها وبقي القوط الشرقيون جندا مرتزقة. ولم يلبث أن اتخذ نظام الدولة شكلا جديدا يختلف عما عرف من قبل. كنا نشاهد الشعب المنتصر كحال اللومبارديين في إيطاليا ينتزع أملاك الطبقة الرومانية الحاكمة، أو كما فعل الفرنجة في غاليا "وحل محل الدولة الرومانية غرس جديد" وكان أفراد الأسرة المالكة لدى البورغونديين والفرنجة يعتبرون الدولة إرثا عاديا تخضع للقواعد الموضوعة كتقسيم التركات بقدر ما ترك العاهل الراحل من ورثة ذكور من صلبه.
لم يكن العاهل الجرماني يمارس في الاصل سلطته الا على أفراد شعبه، بينها اعتبره سكان الولايات الرومانية مجرد قائد بربري وضع على رأس جيش من الحلفاء (محدودية طاعته ما عدا في نزع الأراضي أو المنازل لإيواء الجند)، وتطورت سلطته إلى سلطة شرعية بعد تدهور الحكم الروماني.
اختلف الأثر الروماني في الممالك البربرية، ومن المحتمل أنه في المملكة البورغوندية أوضح وأعمق مما هو عليه في باقي الدول الجرمانية، وثمة اختلاف واحد على الأقل بين الحكمين الروماني والبورغوندي الذي يعد " الكونت"-وهو موظف كبير- محور النظام الاداري. وظهر دوره بوضوح عند القوط الغربيين ويعد كذلك قائدا للجيش البربري الجرماني.
وكان القوط الغربيون أقل الشعوب الجرمانية اقتباسا عن الحضارة الرومانية لكنهم نقلوا التقسيمات الإدارية ( إحلال نظام حكم الولايات مكان نظام المدن شبه المستقلة ذي الجذور الإغريقية).
2- الصفات العامة للمجتمع الروماني في مستهل القرن السادس الميلادي
إنحصر المبدأ الأساسي في التشريع الجرماني في إشاعة السلام في المجتمع وهو السلام الذي تمتعوا به في ظل عواهلهم (السلام الملكي)، بديلا عن الخصومات الأسرية. وحددوا لكل فرد ثمنا le wergild حسب السن والظروف (ثمن كل إصبع). و"القانون السالي Salian Law " دقيق للغاية مع بقاء أهمية الأسرة كوحدة إجتماعية في القانون السالي. كحرمان الزوجات من الاشتراك في إرث بعولتهن.
ولم يتخلص المجتمع من عادة قديمة هي "القود" "يدخل فيه حق الزوج في أن يقوم بنفسه بالثأر لشرفه الذي دنسته زوجته الزانية، ومن شريكها الآثم، وبحق مماثل للزوجة الشريفة لتطبق عليه العقوبة التي تراها ضرورية" واعترف القانون الفيزيغوطي لأقارب الضحية بحق إنزال العقاب بمختطفي البنات والاولاد. واحتفظ القانون البورغوندي لذوي البنت المتضررة بالحق في إنزال العقوبة بالجاني العاجز عن دفع التعويض. وحدد المشرع التعويضات النقدية "الفدية" التي تسقط حق الضحايا في الثأر.
وتحدث المؤرخ "موس" عن اختلاف مقدار الفدية لكل فرد في المجتمع في إطار تنظيم مجتمع الفرنجة."كانت فدية أحد أفراد حاشية الملك 600 وحدة نقدية أي ثلاثة أضعاف فدية الرجل المحارب من فئة الأحرار. وحددت فدية الفرد الروماني مهما كانت طبقته بنصف فدية الحر من الفرنجة. وكانت فدية الصناع المهرة من غير الأحرار أعلى من فدية الصناع العاديين" 3
1.2- مجتمع القوط الغربيين
انتشرت الحضارة في هذا المجتمع بنسبة أعلى من
باقي الجهات في المجتمعات الجرمانية، وقد تأثر ذلك الطابع الجرماني الأصيل بالطابع
الروماني، ذلك أن مواد القوانين القوطية الغربية مقتبسة عن اجتهادات فقهاء القانون
الروماني. وكذلك القانون التجاري والجنائي (فكرة التدرج في العقوبة وكثرة اللجوء
إلى تطبيق العقوبة الجسمانية كالجلد) قال هالفين: »حدد المشرع الفيزيغوطي عقوبة الموت لعدد كبير نسبيا من
الجرائم وشاعت عقوبة الجلد بالسوط أو العصا وعددها 40 الى 50 الى 100 الى 200 جلدة
إضافة إلى الغرامة أو الفدية. وحددت عقوبة المزود في الحد الأقصى بقطع اليد«.4
2.2.مجتمع البورغونديين
قلما لجأ المشرع بالنسبة للرجال الأحرار إلى العقوبات الجسدية التي غدت ركنا أساسيا في التشريع الروماني. أما العقوبات الوحيدة المنزلة ببورغوندي أو بورغوندية فهي:
1-إسترقاق المرأة الحرة إن ثبت ضدها خيانة زوجها من أحد أقاربها المحرمين، والبنت التي إتصلت بعبد أو إن اشتركت مع زوجها في سرقة جياد أو ثيران.
2-قطع اليد لتزوير أو تدمير العلامات المحددة للملكية.
3-الإعدام في حالة القتل المتعمد، والسرقة المسلحة وبالعنف والارتشاء من أحد المتقاضين.
3.2.الدور التاريخي لجرمانيا
تحدث هالفن عن: »مناهضة فكرة أن حريات العالم ولدت قديما في غابات جرمانيا، لأن الشعوب المنتصرة إن كانت أدنى في مستواها الحضاري ممن غلب فإنها تقتبس الشيئ الكثير وفقما لاتسمح به ظروفها ودرجة انسجامها مع المجتمع الروماني. وبين جميع الشعوب المستقرة في غرب أوروبا تمكن شعب الفرنجة وحده وبنجاح من مقاومة تسرب الأفكار الرومانية إلى مجتمعه. وسيقوم هذا الشعب بدور طلائعي في المستقبل. وبينما إنهارت تباعا شعوب البورغونديين والقوط الشرقيين فإن شعب الفرنجة وحده احتفظ بهويته وأصالته، وهو وحده الذي أمكنه البقاء عبر التاريخ «5
4.2.مملكة القوط الشرقيين
تأسست في إيطاليا في نهاية ق5 ومطلع ق6 هي وحدها نسيج مختلف عن بقية الدول البربرية الجرمانية، وذلك على أنقاض الرومان في غاليا واسبانيا وشمال إفريقيا.
وبعد أن أطاحت بالرومان واكتفت باقتباس النظم السياسية والاقتصادية ونقل تنظيماتها، إلا أنها ظلت وفية لأهدافها القومية، بمعنى بقاء دول الفرنجة والقوط الغربيين والفاندال محتفظين بهويتهم الجرمانية. أما القوط الشرقيون في إيطاليا، ومع أنهم شاركوا نظرائهم في التأسيس على يد غزاة، لكن اختلفوا عنهم في بذل قصارى الجهد للحفاظ على تراث روما القديم. كان "تيودوريك" جرمانيا قحا أي بربريا (حسب الرومان)، لكن لم يكن مثلهم معولا لهدم صرج الامبراطورية الرومانية.
لاحظ "فيرديناند لوط" و"بيفيستير" و"غانشوف" حرص عاهل هذه الدولة "أودواكر" على التنظيم والحضارة الرومانية غداة تخلصه من امبراطور روما. وبعث إلى إمبراطور القسطنطينية ولاءه وأنه سيبقى في روما نائبا وحسب قوله »لم الإمبراطورية بحاجة إلى امبراطورين6«
»ولم تتعرض الكنيسة الكاثوليكية في روما إلى أي اضطهاد في ظل العهد الجديد على الرغم من أن رئيس الهيئة الحاكمة وشعبه كانوا من الآريوسيين الأورثوذوكس7«
تابع قراءة:
الجزء الأول : هجرة البرابرة نحو أوروبا الغربية وسقوط الامبراطورية الرومانية |
الجزء الثالث :محاولة الامبراطور البيزنطي جيستينيان إحياء الإمبراطورية الرومانية الغربية |
الجزء الرابع : تاريخ الكنيسة في العصر الروماني |
📚 المصادر والمراجع:
7- نفسه، 83
- أوجين آلبيرتيني، مجموعة الشعوب والحضارات، مجلد4، بعنوان "الامبراطورية الرومانية" ج6.ص23-168-167
-شارل أندري جوليان: تاريخ أفريقيا الشمالية، الجزء الأول، تعريب: محمد مزالي والبشير بن سلامة، الدار التونسية للنشر، الطبعة الأولى سنة 1969م، ص:306
0 تعليقات